ايمان السما
ماكنة الخياطة أحد أهم مايميز شخصية أمي ..كانت تركب قطع القماش أحدهما على الاخر..تلتقط الخيط ممسكة به بأسنانها لتقطعه.ثمة شيء كان يجول في خواطرها ..ومواقف قديمة تشبه الى حد بعيد لوحات متكررة من مجتمع.كانت روحها مملوءة بتحدي واضح ..لم تغادر المنزل يوما..كانت ترفع اغصانها اليابسة الى السماء ..تجتثها لتنبت مكانها حشيش أخضر ..كانت طويلة ،رطبه، دائما مايبللها المطر ..صغيرة مثل بركة تكونت للتو ..أمي درب طويل ...رغم أنها كانت تجهل الكتابة ،لكنها كتبت مايقارب الأربعين عاما ..كتبت عن المتاهات وسيول الفقر..كتبت عن القطط ومطاردتها لها ..كتبت عن أوكار الطيور المهاجرة من نوافذ بيتنا ..وعن عودة العصافير ..كتبت بعينين تظيفتين ملونتين بلون القمح الناضج ..لون يعكس بريقه فوق مقابض الشبابيك الخشبية بتأمل.كانت أمي تراقب أنخفاض درجة النور عند منافذ بيتنا ،بشكل ملحوظ ..تمد رأسها المغطى بقطعة قماش مثلثة ،لتنادي بصوتها الطري بائع قطع الأثاث المستعملة .---اريد أن أبيع ماكنة الخياطة والدمع يملأ مقلتها الصغيرة ..صعب جدا أفتراس الغير لمقتنيات عزيزة علينا..لكن العازة تلقي بمؤلفاتنا عارية ..تلتقط. صور لمشاهد الاثارة التي ترسلها دكاكين الجوع التي تملأ شارعنا.أمي كان الحب يكتب عنها بشعور الرواية البطولية ..أمي لم تكن فجأة ،ولم تمل مرضها ..لأنها كانت واضحة ولم تنساني جالسة على ماكنة الخياطة ..