1 قراءة دقيقة
13 May
13May

ملاك اشرف


أدق تفاصيل الحياة الهامشيّة المُتعلقة بالقضيّة الأساسية وهي الوطن المُستقل، فقد عاش كاتبا وشاعرا أكثر حُرّية من سجّانيه، فالحبيس الحقيقي هو حبيس الفكر وليس بالطبع حبيس الجسد الفاني. لعلّ سجنه كان سجنا صغيرا عند مقارنته بسجن الحياة الكبير والشائك؛ لذا كتب لصديقه الأسير مراد ما يلي: «كم أحسدك يا مراد على سجنك الأصغر، لأن واقعك الحديدي هذا واضح الملامح مكون من معادلة بسيطة، لكنها قاسية: سجن، سجين، سجان.. لكن هنا في السجن الأكبر الأمور لم تعد واضحة».جازف الخندقجي بحياته في كُلّ ليلة بما أنه يقيم في صومعةٍ اعتبرها واضحة ومليئة بالظلام المُخيف. لا أؤمن مثله بالكثير لكني أؤمن بالأدب الجيّد والحُرّية التي ليس لها مقابل، على الرغم من أن الأدب الكاذب له نصيب من حياتي كالخيبة تقريبا، ومع ذلك أتأمّل أن تصل الجوائز إلى مكانها المُناسب كما وصلت إلى السجون الإسرائيليّة – ذات الشعارات المقيتة – في هذهِ المرّة المُفاجئة والعادلة. لن تحرّرَ الروايات والأشعار الكاتب من سجون الحمقى الأوغاد بسرعةٍ فائقة، إلّا أنها ستدفع الأحرار إلى الثبات وإيصال أصوات ممّن وقعوا في كمين النسيان والإهمال إلى أبعد الحدود المُتخيلة؛ لأنها تصوّر مُعاناة أسير عبقريّ وعذاب محارب ما زال يملك شعلة من الأحلام.إن الكتابة الجديّة والعميقة شكل من أشكال البقاء والمقاومة التي يخشاها العدو اللئيم، تصبح مرادفة للرصاص والخناجر تحت سماء فلسطين الجارحة، لا شكّ في أن الانتماء الأصيل يعود للُغة لحالها، أيّ أن اللغة العربيّة والناطقين بها والمُبدعين الفاعلين فيها يستطيعون أن يستعيدوا الأرض والهُويّة الحقيقيّة معا..ينبغي لنا ألّا ننسى أن السكان الأصليين لا يتركون أراضيهم، الغزاة فقط هم مَن سيفعلون ذلك. طوبى للذي عرف الموت والحياة معا. طوبى للذي مرَّ على حين رمشةٍ من أمام العالم القاسي.
كاتبة عراقية


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة